قصة دفن السيدة نفيسة في القاهرة
أوصت السيدة نفيسة الولية رضي الله عنها أن لا يتولى أمر دفنها إذا ماتت إلا زوجها، وكان مسافرًا، فلما توفيت قدم في ذلك اليوم وهيأ لها تابوتًا وقال: إني لا أدفنها إلا بالبقيع قرب ضريح جدها المصطفى صلى الله عليه وسلّم، فألحَّ عليه أهل مصر إلحاحًا شديدًا أن يدفنها رضي الله عنها فيما بينهم في القاهرة تبركًا بها، ولأنهم كانوا يحبون السيدة نفيسة حبًا جمًا ولا يستطيعون فراقها، فأبى إلا أن يأخذها.
فاجتمعوا وقصدوا أمير مصر ليقنع زوجها بأن يدفنها عندهم في القاهرة، وخاصة أنها حفرت قبرها بيدها في دارها وختمت فيه القرءان الكريم ست ءالاف ختمة مباركة، ولكن زوجها أصرَّ على نقلها إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
فجمعوا له مالا جزيلا وسألوه إبقاءها عندهم فأبى، فباتوا ليلتهم في ألم عظيم وهمّ جسيم، وقد تركوا المال عنده، فلما أطل الصباح جاءوا إليه فوجدوا منه ما لم يروه من قبل، فإنه وافق على طلبهم وردّ عليهم مالهم، فلمّا سألوه كيف ذلك قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المنام ليلة أمس، وقال لي: "يا إسحاق، رُدّ على الناس أموالهم وادفنها عندهم" ففرح القوم وأخذوا يكبّرون، وكان يوم دفنها يومًا مشهودًا ازدحم فيه الناس ازدحامًا شديدًا، وبني على قبرها الشريف مقامٌ كبير إعلاماً لعلو شأنها ورفعة قدرها.
وقبرها يزار وهو مشهور يقصده المسلمون من شتى الأقطار للتبرك به فإنه أحد المواضع المعروفة والمشهورة بإجابة الدعاء بمصر بإذن الله تعالى.
وقد قال أحدهم يمدحها رضي الله عنها:
يا صاحِ إن رمت الحياة العامرة ... فاقصد حمى بنت الكرام الطاهرة
ذات الكرامات المعظمة التي ... أسرارها بين الخلائق ظاهرة
كم جاءها ذو فاقة يرجو الغنى ... جبرت بتيسير المعايش خاطره